جَــــدّد حـــيـــاتــــــك بالـقـــــــــــــــــــــــرآن
يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
ما أحوجنا إلى أن نرطب قلوبَنا ونغذي أرواحَنا بين الحين والآخر بذكرِ الله والصلاةِ والسلامِ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأرواحُنا تحتاج إلى ذلك حقا، كحاجةِ الزرعِ إلى الماء، وكحاجةِ الأجسادِ إلى الغذاء
محمد عبدالمنعم
5/12/2025
الصلاة على النبي.. منهج حياة
الحمد لله رب العالمين، أحمده حق حمده، لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبدُ الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.
العناصر:
1. حاجتنا إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
2. معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
3. حقيقة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
4. لماذ نصلي عليه ونسلم؟ صلى الله عليه وسلم
5. فضل الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
6. وصايا عملية
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56]
صلوا على رسول الله. وهل تطيب الحياة، إلا بالسلام والصلاة، على نبي الله، محمد بن عبدالله، حبيبه ومصطفاه، خير خلق الله.
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه أجمعين، في كل وقت وحين.
صلى الله وسلم وبارك عليه ما أشرقت شمسٌ وأهلّ هلال
صلى الله وسلم وبارك عليه ما أورقت شجرٌ وامتد ظلال
صلى الله وسلم وبارك عليه ما أينعت ثمرٌ وأُنفق مال
صلى الله وسلم وبارك عليه عدد قطر الماء وحبات الرمال
صلى الله وسلم وبارك عليه فهو أهل الفضل وأهل كل كمال
حاجتنا إلى الصلاة على النبي
صلى الله على محمد، صلى الله عليه وسلم
ما أحوجنا إلى أن نرطب قلوبَنا ونغذي أرواحَنا بين الحين والآخر بذكرِ الله والصلاةِ والسلامِ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأرواحُنا تحتاج إلى ذلك حقا، كحاجةِ الزرعِ إلى الماء، وكحاجةِ الأجسادِ إلى الغذاء، فتعالوا نحيا في هذا الوقت الطيب المبارك مع الحياةِ في رحاب الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. نتعلم شيئا من معناها وأثرها وفضلها وحاجتنا إليها، وكيف نتأثر بها وتؤثر في حياتنا التأثير الطيب المأمول.
الصلاةُ على النبي صلى الله عليه وسلم أشبه ببستانٍ مثمرٍ كبيرٍ، وحديقةٍ غناء واسعة، تعالوا في هذه الدقائق ندخل هذا البستانَ الجميل ولا نخرج منه إلا بغنيمةٍ كبيرةٍ من ثمارٍ يانعةٍ تنفعنا في الدنيا، وحسناتٍ مقبولةٍ تنفعنا في الآخرة بإذن الله.
نعلم جميعا فضل الصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنها سبب لغفران الذنوب وكفاية الهموم وقضاء الحوائج ورفعة الدرجات ومحو السيئات، وإجابة الدعوات، وتتابع الخيرات والبركات، والصلاة من رب الأرض والسماوات، فلماذا لها كل هذا الفضل الكبير؟ وكيف نحسن جني ثمارها في الدنيا والآخرة؟ الخطوة الأولى والأهم أن نعلم معناها وحقيقتها ونرددها بقلوبنا ونعيش معها بأرواحنا كي نتذوق حلاوتها ونعمق أثرها في نفوسنا وحياتنا.
معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
يقول العلماء إن الصلاة من الله على النبي رحمة وإكرام وثناء عليه، ومن الملائكة استغفار، ومن المؤمنين دعاء، أي أننا حين نصلي على النبي فإننا ندعوَ الله أن يَزيد من تعظيمه وإكرامه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.
إن معنى الصلاة والسلام على النبي: "أن الصلاة من الله سبحانه وتعالى هي الرحمة المقرونة بالتعظيم ومن الملائكة والآدميين سؤال ذلك وطلبه له صلى الله عليه وسلم". من كتاب "الجوهر المنظم" لابن حجر الهيتمي
وقال الإمام الحافظ أبو العالية: "صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه عند ملائكته، وصلاة الملائكة عليه الدعاء".
وقال العز بن عبد السلام: "ليست صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة منا له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه؛ لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا، وأفضاله علينا، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه صلى الله عليه وسلم، وفائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه دلالة ذلك على نضوج العقيدة، وخلوص النية، وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والاحترام".
بلغ العُلا بكماله أضاء الدجى بجماله
صدقت جميعُ مقاله كمُلت جميعُ فعاله
حسنت جميعُ خِلالِه سبق الندى بنواله
كمُلت جميعُ خصالِه صلوا عليه وآله
صلى الله على محمد.. صلى الله عليه وسلم
حقيقة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
الصلاةُ على النبي صلى الله عليه وسلم ليست دروشة، ولا فترة نغيب بها عن الحياة، بل هي استحضار لكل معاني الحياة، كلا، إننا يمكننا أن نقول عليها إنها "منهج حياة"، لماذا؟ لأنها في حقيقتها تجدد حياتنا، وتزيد محبتنا لرسولنا، وتعمق معرفتنا بقائدنا، وتقوي رابطتنا بقدوتنا، وتحبب إلينا طاعتنا لنبينا، وتمهد لنا طريق اتباع إمامنا صلى الله عليه وسلم.
وبينما يستحب للمسلم أن يكثر من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، يستحب أكثر استحضار المعاني المتصلة بها وبشخص المصطفى عليه الصلاة والسلام وبصفاته وأحواله، فلا ينبغي للمسلم أن تكون صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم مجرد كلمات يرددها بلسانه وفقط، بل الأفضل والأنفع أن تكون الصلاة والسلام على رسول الله بحضور القلب وتدبر معانيها وتذكر حياة الحبيب محمد وأخلاقه وسيرته.
ومما يساعد المسلم على استشعار معاني الصلاة والسلام على رسول الله أن يصحبها بتذكر محبته وتعظيمه وتوقيره وطاعته والاقتداء به، وتذكر فضله وإحسانه، وأنه الرحمة المهداة والنعمة المسداة والسراج المنير، وأنه رحمة الله للعالمين، صاحب لواء الحمد والمقام المحمود والحوض المورود، وهو إمام النبيين وخاتم المرسلين، وحبيب رب العالمين، وهو الصادق الأمين وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، أعظم الناس شجاعة وأكثرهم رحمة، وأنداهم يدا وأطهرهم جسدا، وأزكاهم نفسا وأسلمهم قلبا.
"عندما أصلي على محمد - ﷺ - أشعر بأننى أزجى الثناء الحسن لمن يستحقه، وأنوه بالعبودية الصادقة لمن عاش حياته يرضى ربه ويجاهد فى سبيله! وأسأل ربى أن يتقبل صاحب هذه الحياة المباركة ويخلد آثاره، وأن يساعدنى على اقتفاء أثره والاقتداء بسنته.
وعندما أسلم على محمد - ﷺ - وإخوانه المرسلين أقف على أطلال ماض طويل، وتاريخ سحيق كان رسل الله خلاله يكافحون الطواغيت ويخاصمون الجاهليات، وقد سال عرقهم ودمهم وتغضن جبينهم وتنكد عيشهم، ولكنهم صابروا وتحملوا.. وبعد لأى دارت الرحى على الكافرين فحصدتهم، ونجت العقائد والشرائع ومعالم الوحى الأعلى، وخلصت للأجيال المقبلة كى ينتفعوا بها، ويحصدوا ما غرس الأولون! وقيل بعد هذا العراك المرير: (الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ)، وقيل أيضا: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
إننى عندما أصلي وأسلم على محمد، أصِلُ نفسى بأشرف ما فى الوجود، وأثبت خطوي على الصراط المستقيم، وأرتضي قيادة تحتضن الحق وتؤثر الرشد، وأعلن أن هواي مع ما جاء به. إن الصلاة والسلام هنا توكيد منهج وتحمل عبء، ومشاركة قلبية وفكرية لإنسان حررَ الإيمانَ من الخرافة، ونفى الحق من الشوائب، وربط الفطرة السليمة بالوحي، وصالح بين العقل والدين، وجعل الدنيا مهادا صالحا للأخرى". من كتاب "الطريق من هنا" للشيخ محمد الغزالي رحمه الله.
حين نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإننا بذلك نعلن اختيار الطريق الذي نسير عليه، واختيار الإمام الذي نأتم به، والقدوة التي نقتدي بها.
صلى الله على محمد، صلى الله عليه وسلم
لماذا نصلي عليه ونسلم؟ صلى الله عليه وسلم
1. أولا: لأن الله يصلي عليه، ولأن الملائكة يصلون عليه، ولأن الله أمرنا أن نصلي عليه ونسلم، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
2. ونصلي عليه لأنه حبيب الله، ولأنه خليل الله، لأن الله اصطفاه واجتباه، وطهره وزكاه، واصطفاه من بين رجال العالمين ليجعله خاتما للأنبياء وإماما للمرسلين. لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
3. ولأنه سيدُ ولدِ آدم في الدنيا، ولأنه سيدُ ولدِ آدم يوم القيامة، يوم ينشغلُ ويهتمُ كلُ إنسانٍ بنفسِه، ويهتم هو بنا وبنجاتنا من النار وبإدخالنا الجنة مع الأبرار، يوم تجدُ كلُ إنسان يقول نفسي نفسي، وهو قائم عند عرش الرحمن يقول رب أمتي أمتي، ادخر دعوته المستجابة لتكون لنجاتنا يوم القيامة، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
4. لأن البشرية قبله كانت تهيم في ظلمات الشرك والجهل والفساد والظلم، فكانت بعثتُه نقطةً فارقةً في تاريخ بني آدم على الأرض، أخرج اللهُ به البشريةَ من الظلماتِ إلى النور، إلى نورِ معرفةِ الله وتوحيده ومحبته وعبادته، إلى نورِ العلمِ والإيمانِ والعدلِ والإحسانِ، فكان رحمةً لكل العالمين، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
5. لأنه بعد قرونٍ من الظلم والظلام، وانتشار اليأس والتيه والضلال، أعاد للإنسانِ إنسانيته، وجدد بالإسلام عزته وكرامته، وأرشده إلى طريق فوزه وسعادته، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
6. لأننا بدونه كنا سنكون قطيعا يساق، فأرسله الله لنا يعلمنا كيف نحيا بكرامة، وعلمنا كيف نسمو ونرتقي بالأخلاق، وأتم الله به مكارم الأخلاق، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
7. ولأنه كان قدوتنا ومعلمنا وهادينا إلى التخلق بكل خلق فاضل في بيوتنا وأعمالنا، في مساجدنا وأسواقنا، في سرنا وعلانيتنا، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
8. لأنه علمنا كيف نتخلق بالأخلاق الفاضلة في كل تفاصيل حياتنا، مع أنفسنا ومع أهلنا وزوجاتنا وأولادنا وجيراننا وأصدقائنا، مع أحبابنا وحتى مع خصومنا وأعدائنا، مع الصغير والكبير، مع الغني والفقير، فكان خلقه القرآن، وأصلح اللهُ به أخلاقَ الإنسان، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
9. ولأن لكل إنسانٍ قدوةٌ وأسوةٌ في الحياة، علِمَ ذلك أو لم يعلم، وبينما يتخذ التائهون قدوات لهم تسوقهم بعيدا عن طريق الرشاد، يتخذ المسلمُ نبيَه الهادي قدوةً وأسوةً يهديه سبيل الهدى والرشاد، يجدد بالصلاةِ عليه عهدَ الاقتداءِ به واتباعه وطاعته، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
10. ولأنه كان كريم الأخلاق طبعا وأصلا، حتى من قبل بعثته، فكان صلى الله عليه وسلم، يصل الرحم ويصدق الحديث ويؤدي الأمانة ويقري الضيف ويحمل الكل ويكسب المعدوم ويعين على نوائب الحق، ثم علمنا كيف نحيا بهذه الأخلاق الكريمة، لذلك نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
11. ولأنه يحبنا، ويشتاق إلينا، ويصفنا بأننا إخوانه يقول "اشتقت إلى إخواني.. الذين آمنوا بي ولم يروني"، واخجلي منه حين ألقاه، يحبنا وهو من هو، حبيب الحق وأفضل الخلق، يحبنا ويحرص علينا، ويشفق علينا، ويخاف علينا، وهو بنا رؤوف رحيم. لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
12. ولأنه قضى حياته في دعوتنا وهدايتنا، وبَذَلَ روحَه فداءً لنا، وسال دمُه الزكي، وكُسِرت رُباعيتُه الشريفة وهو يوصل إلينا ديننا، تحمل الأذى والتكذيب والحصار والتهجير، كل ذلك ليوصل إلينا دعوة الإسلام على طبق من ذهب، ونحن كيف رددنا الجميل إليه؟ّ لهذا نصلي ونسلم عليه، صلى الله عليه وسلم.
13. ولأن الصلاةَ والسلامَ عليه تجمعُ بين واجباتنا نحوه من الإيمان به وتصديقه ومحبته، واتباعه وطاعته، والاقتداء به والسير على سنته، والتخلق بأخلاقه واستلهام سيرته، والدفاع عنه ونصرته، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
14. لأن الله أصلح أحوالنا به، كنا متفرقين فوحدنا الله به، كنا ضالين فهدانا الله به، كنا فقراء فأغنانا الله به، كنا جاهلين فعلمنا الله به، لهذا نصلي عليه ونسلم، صلى الله عليه وسلم.
حين نصلي عليه ونسلم، لا بد أن نتذكر كل تلك المعاني وأكثر وأكثر.
إذن، بصلاتنا وسلامنا عليه، تتوارد على خواطرنا كل فضائله ومكارمه، وأخلاقه وأعماله، وسيرته وسنته، وأقواله وأحاديثه، وحاجتنا للاقتباس منها والسير في نورها، فنفهم جزءا من المعنى الحقيقي للصلاةِ والسلامِ عليه، ولماذا كانت الصلاةُ والسلامُ عليه بهذه المكانةِ الكبيرة، ولها هذا الفضلُ العظيم والجزاءُ الكريم.
ذلك لأنها في حقيقتها ومعناها الحقيقي تقود خطانا، وتصحح أخطاءنا، وترشد طريقنا، وتقوِّم أفكارنا، وتعيدنا إلى جادة الصواب، تخبرنا أن الطريق من هنا، يبدأ وينتهي خلف هذا النبي الكريم والإنسان العظيم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، صلى الله عليه وسلم.
فضل الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
كفي فضلا للصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الله بعزه وجلاله يُصلي على من يُصلي على النبي، فعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، رضي اللَّه عنْهُمَا أنَّهُ سمِع رسُولَ اللَّه صلى اللهُ عليه وسلم يقول: "من صلى عليَّ صلاَةً، صلَّى اللَّهُ علَيّهِ بِهَا عشْرًا" (رواهُ مسلم).
وأن من يكثر الصلاة عليه يكون من أقرب الناس له يوم القيامة، فعن عبدالله ابن مسعود أنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "أَوْلى النَّاسِ بِي يوْمَ الْقِيامةِ أَكْثَرُهُم عَليَّ صَلاَةً" (رواه الترمذي)
كما يكفي فضلا للصلاة والسلام على النبي المختار أنها تكون سببا في استجابة الدعاء، فعن علي رضي الله عنه قال: "كل دعاء محجوب، حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم" صحيح الجامع: 4523.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء، حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم" صحيح الترغيب والترهيب: 1676.
بل يكفي أن من فضائل الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تكفيك همومَ الدنيا والآخرة جميعا، فعن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: "ما شئت"، قلت: الربع؟ قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قلت: النصف؟، قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قلت: فالثلثين؟ قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: "إذا تُكفي همك، ويغفر لك ذنبك" صحيح الجامع: 7863.
وهناك فضل خاص للصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها، فعن أوس بن أوسٍ، قَالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِن أَفْضلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعةِ، فَأَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصلاةِ فِيهِ، فإنَّ صَلاتَكُمْ معْرُوضَةٌ علَيَّ" (رواهُ أَبو داود بإسنادٍ صحيحِ). وقد جعل الله في كل لحظة من لحظات يوم الجمعة من الخيرات والبركات والأجور والحسنات ما الله به عليم، لذلك عدَّ العلماء يوم الجمعة يوم عيد وعبادة.
وقد وردت صيغ عدة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ومنها: عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه قال: «خرَجَ علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقلنا: قد عَرَفْنَا كيف نُسَلِّمُ عليك، فكيف نُصَلِّي عليك؟ قال: قولوا: اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيْتَ على آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما بارَكْتَ على آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ» [البخاري:6357] [مسلم:406]
وصايا عملية
هذا الكلام ليس من قبيل الدروشة، ولكنه كلام يصب في قلب إصلاح النفس والحياة، ويتطلب منا أن نسير على خطى الصالحين الذين يخصصون أوقاتا طويلة للأنس بالحياة مع الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الصلوات والدعوات هي إحدى الواجبات الكثيرة علينا تجاه نبينا وحبيبنا محمد، وتذكرنا بواجباتنا الأخرى تجاهه، ومنها:
1. الإيمان به وبرسالته وتصديقه فيما أخبر عن ربه.
2. محبته وإعلاء مكانته ومنزلته في القلوب، وتقديم محبته على محبة ما سواه من البشر.
3. طاعته فيما أمر والانتهاء عما نهى عنه وزجر.
4. الاقتداء به واتخاذه أسوة وقدوة في الحياة.
5. التخلق بأخلاقه، والسير على هداه وأن يكون المسلم رحمة لكل من حوله كما كان نبيه صلى الله عليه وسلم.
6. مدارسة سيرته العطرة، وتعلم أحاديثه وسنته المطهرة.
7. تحري سنته ووصاياه وتنفيذها في كل مجالات الحياة.
8. الدفاع عنه والتصدي لكل من يتجرأ على التطاول على مقامه.
9. نصرته ونصرة دينه وشريعته ونشر سيرته وسنته.
هذا قليل من كثير وغيض من فيض، ونقطة في بحر محبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الأمر الذي شغل ويشغل المؤمنين قديما وحديثا شرقا وغربا، وألفت فيه آلاف الكتب والدراسات بكل لغات الدنيا، وألقيت فيه ملايين الخطب والندوات والمحاضرات عبر التاريخ، وما زال بحر محبة النبي عامرا يزود بالخيرات كل من يرده محبا طائعا ومصليا على النبي صلى الله عليه وسلم.
إذن الآن أصبحنا ندرك أن الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تعتبر من أفضل الأدعية والأذكار، وهي في نفس الوقت دليل محبة ووفاء ودافع للطاعة والاقتداء، بما يمكن أن نعتبرها "منهج حياة" يعيد توجيه بوصلة الفكر للاتجاه الصحيح، ويجدد النشاط القلبي والمشاعر الإيمانية ويملأ الحياة خيرا وبركة ورضى وطمأنينة.
صلى الله على محمد، صلى الله عليه وسلم.
تعلم معنا
انطلق معنا في رحلتك لتعلم القرآن الكريم واللغة العربية
تواصل معنا
انضم إلى مجتمعنا التعليمي:
info@quranandlife.net
+20 1113304698
Copyright © 2024 Quran and life