حاجة الإنسان لنور الإسلام

إن حاجة الإنسان إلى الدين عامة، وإلى الإسلام خاصة، ليست حاجة ثانوية ولا هامشية، إنها حاجة أساسية أصيلة، وذلك لأسباب كثيرة

محمد عبدالمنعم

5/10/20251 دقيقة قراءة

يقول الله تعالى: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ، يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ، ويهديهم إلى صراط مستقيم) (المائدة 15، 16)

إن حاجة الإنسان إلى الدين عامة، وإلى الإسلام خاصة، ليست حاجة ثانوية ولا هامشية، إنها حاجة أساسية أصيلة، وذلك لأسباب كثيرة، منها:

1 - لأن الإسلام هو دين الله الذي ارتضاه للبشر أجمعين، وهو الذي بعث به كل الرسل، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، كلهم جاءوا بدين واحد وهو دين الإسلام، الدين القائم على توحيد الله وعبادته وعدم الشرك به، وأساس هذا الدين هو كلمة "لا إله إلا الله"

فالرسل عليهم الصلاة والسلام وسائط بين الله تعالى وبين خلقه في أمره ونهيه , وهم السفراء بينه وبين عباده , وكان خاتمهم وسيدهم وأكرمهم على ربه محمداً صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين فبعثه الله رحمة للعالمين , وحجة للسالكين , وحجة على الخلائق أجمعين .

2 – الإسلام هو طريق السعادة: يقول الإمام ابن القيم في كتابه "زاد المعاد في هدي خير العباد": "لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا فى الدنيا ولا فى الآخرة إلا على أيدى الرسل ، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم ، ولا ينال رضا الله البتة إلا على أيديهم ، فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا على هديهم وما جاءوا به ، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه ، والعين إلى نورها ، والروح إلى حياتها".

3 - لأن الإنسان بغير دين يظل قلق النفس، جوعان الروح، ظمآن الفطرة، يشعر بالفراغ والنقص، حتى يجد الإيمان بالله، فيطمئن بعد قلق، ويسكن بعد اضطراب، ويأمن بعد خوف، ويحس بأنه وجد نفسه.

4 - إن حاجة الإنسان إلى الدين تنبثق ـ قبل كل شيء ـ من حاجته إلى معرفة حقيقة نفسه وإلى معرفة حقائق الوجود الكبرى، وأول هذه الحقائق وأعظمها: وجود الله تعالى ووحدانيته وكماله سبحانه، فبمعرفته والإيمان به ـ جل شأنه ـ يتضح للإنسان الغاية والوجهة، ويتحدد المنهج والطريق.

5 - لأن الإنسان في حاجة إلى ركن شديد يأوي إليه، وإلى سند متين يعتمد عليه، إذا ألمت به الشدائد، وحلت بساحته الكوارث، ففقد ما يحب، أو واجه ما يكره، أو خاب ما يرجو، أو وقع به ما يخاف، هنا يأتي دور الإيمان بالله، فيمنحه القوة عند الضعف، والأمل في ساعة اليأس، والرجاء في لحظة الخوف، والصبر في البأساء والضراء، وحين البأس.

6 - إن الإيمان بالله وبعدله ورحمته، وفي العوض والجزاء عنده في دار الخلود، يهب الإنسان الصحة النفسية والقوة الروحية، فتشيع في كيانه البهجة، ويغمر روحه التفاؤل، وتتسع في عينه دائرة الوجود، وينظر إلى الحياة بمنظار مشرق، ويهون عليه ما يلقى وما يكابد في حياته القصيرة الفانية، ويجد من العزاء والرجاء والسكينة ما لا يقوم مقامه ولا يغنى عنه علم ولا فلسفة ولا مال ولا ولد ولا ملك المشرق والمغرب.

7 – ولأن الدين هو الذي يعرف الإنسان على الإجابات الشافية عن الأسئلة الكبرى: لماذا خُلق؟ ولماذا كرم وفضل؟ يعرفه بغاية وجوده، ومهمته فيه، إنه لم يخلق عبثا، ولم يترك سدى، إنه خلق ليكون خليفة الله في الأرض، يعمرها كما أمر الله، ويسخرها لما يحب الله، يكشف مكنوناتها، ويأكل من طيباتها، غير طاغ على حق غيره، ولا ناس حق ربه. وأول حقوق ربه عليه أن يعبده وحده، ولا يشرك به شيئا، وأن يعبده بما شرع، على ألسنة رسله، الذين بعثهم إليه هداة معلمين، مبشرين ومنذرين، فإذا أدى مهمته في هذه الدار المحفوفة بالتكليف والابتلاء، وجد جزاءه هناك في الدار الآخرة: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا).

8 - لذلك كان لبعثة النبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم نتائج مبهرة، فقد نقل البشرية من حال سيء إلى أحسن حال، وأخرجهم من الظلام إلى النور، ومن الضلال إلى الهداية، ومن التخبط والحيرة إلى الأمن والاطمئنان.

يقول الإمام ابن تيمية في الفتاوى: "وليست حاجة أهل الأرض إلى الرسول كحاجتهم إلى الشمس والقمر ; والرياح والمطر ولا كحاجة الإنسان إلى حياته ; ولا كحاجة العين إلى ضوئها والجسم إلى الطعام والشراب ; بل أعظم من ذلك ; وأشد حاجة من كل ما يقدر ويخطر بالبال فالرسل وسائط بين الله وبين خلقه في أمره ونهيه وهم السفراء بينه وبين عباده"

وذلك لأن الناس بدون الإسلام يخسرون الدنيا والآخرة، وبدون الطعام يخسرون الدنيا فقط. فدين الإسلام هو حياة، ونور، وهدى، وشفاء، وسعادة، وأمن، وفوز، وفلاح، ونجاة. قال الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام - 122[